7alaal-el-mashakel

هي النفس ما حَمَّلْتَها تتحمل وللدهر أيام تجور وتَعْدِل أقلل عتابك فالبقاء قليل والدهر يعدل تارة ويميل

Sunday, December 10, 2006

بائع الحب

بـائــع الحـــب قصة قصيرة بقلم أسامة شكري
****************** إهداء إلى مدونة حلال المشاكل
كانت تجد في شاطئ البحر الملاذ الآمن الذي تلجأ إلية في الشدائد ومن البحر صديقا وفيا تدفن إسرارها في أعماقه فلا يصل إليها كائن من كان
كانت تعشق تلك البلدة الساحلية الصغيرة منذ أن وطئت قدماها تلك الأرض حين كانت تبلغ من العمر أربعة سنوات بعد أن حالت طبيعة عمل والدها دون استقرارهم في العاصمة. ولم ترغب في مغادرة البلدة حتى بعد وفاة والدها وأقنعت والدتها بالبقاء ففكرة أن تستغني عن أصدقائها وذكرياتها كانت مخيفة
تعودت أن تمشى كل يوم من الجامعة إلى المنزل ولم تكن المسافة بسيطة ولكن كانت دوما تقطعها في سعادة بالغة تفكر أو تغنى أو تنظر إلى البحر فتغسل مشاغل اليوم
. ذاك اليوم كان طبيعيا منذ بدايته إلا أنها أحست أن شيء ما جديد سيحدث لها هكذا كان إحساسها وكان كما عهدته دوماً إحساسا صادقا إلى حد بعيد
رأته جالسا بالقرب من سور الشاطئ في نفس المكان الذي تعودت أن تجلس فيه
اقتربت وجلست في مكان قريب منة ورأته يحدق في البحر وما ورائه من زرقة لا متناهية وكان يطيل النظر ثم يلتفت إلى ورقة في يده ويخط بالقلم بعض الكلمات ثم يحدق مرة أخرى على البحر
وأستمر على هذا المنوال قرابة الساعتين وهو لا يلحظ وجودها ولا يلفت انتباهه المارة أو الباعة أو أي شيء آخر
كانت ترقبه بشكل عفوي فلم تكن من النوع المتحرر الذي يسمح لنفسه أن يفتح أي مجال للتخاطب مع شاب لا تعرفه و كان الفضول داخلها يحرقها لتعرف ماذا يفعل هذا الشاب وفجأة ألتفت إليها فوجدها تنظر إلية وعلى الورقة بتركيز شديد فما كان منها إلا أن أطرقت بوجهها بعيدا عنة وحمرة الخجل تكسى وجهها
وقالت لنفسها – ماذا ستحدثه نفسه عنى الآن وماذا سيظن في ؟
غادر مقعدة وتوجه ناحيتها،و كان كلما اقترب خطوة زاد توترها، قلل من وقع خطواته وأقترب من مقعدها وقال لها لا تنسى حقيبتك فقد وقعت على الأرض بجوارك
أشاحت بوجهها بعيدا ولم ترد علية واختطفت حقيبتها من على الأرض ولكن أي من المارة كان يمكنه أن يلحظ بسهولة إمارات الخجل الشديد على وجهها فما كان منها إلا أن غادرت المكان متجهه إلى منزلها وبعد أن تأكدت من خلو الطريق انفجرت في ضحك هستيري
لم تغفل عينيها مساء ذلك اليوم فكلما أغلقت عينها تراءى لها نفس المشهد لم تستطع أن تتوقف عن التفكير في الفتى وما كان يفعله تساءلت فيما بينها عن سبب ذلك الاهتمام لكنها لم تصل إلى إجابة شافية . قرب الفجر تثاقلت عينيها من الإرهاق فأغمضتها وراحت في سبات عميق لكن صورة الفتى أبت أن تتركها حتى في المنام
بعد مرور عدة أيام تناست معها ما حدث ذلك اليوم وما كان من أمر الفتى وبالرغم من هذا كان يراودها شعور غريب حين تمر على مكان الحدث أو تجلس فيه كانت متلهفة لتكرار المشهد وهو ما حدث فعلا ذلك اليوم ولكن بطريقة مختلفة
فبعد أن جلست في مكانها المفضل دخل نفس الشخص ويحمل بعض الورق في يده
شعرت انه تعمد الجلوس إلى جوارها فأشاحت بوجهها بعيدا ونظرت إلى الجانب الآخر وتعمدت ألا تنظر إلية مطلقا فما كان منة إلا أن غادر مجلسة وأقترب منها ليتكلم فباغتته وصاحت في وجهه
:
-أفندم ؟ فيه حاجة ؟ أنت عايز منى إيه؟؟؟
!!!! -
أبدا ، أصل الشنطة بتاعتك واقعة منك زى المرة إللى فاتت فقلت أنبهك
لم تستطع أن تكتم ضحكتها فضحك هو الآخر وتناول الحقيبة من الأرض وناولها إياها ثم أستأذنها أن يجلس على المقعد المجاور لها فأذنت له ثم تبادلا حديثا عاما قصيرا توجهت بعدة إلى المنزل وقلبها يرقص طربا
ً بعد أن التقت به عدة مرات شعرت أن قلبها بدأ يتعلق بة فقد كان مختلفا في كل شيء عن الشباب زملاؤها في الجامعة كان مهندسا يعمل في احد اكبر المكاتب الاستشارية ويهوى كتابة الشعر كان ناضجا مع إقترابة من إنهاء عقدة الثالث ، كان يملأ فراغها الفكري الذي كانت تعانى منة في الجامعة فكان يتحدث معها عن كل شيء وعن أسفارة وتجاربه وكل شيء
كانا يتقابلان عدة مرات في الأسبوع الواحد ولاحظ تعلقها العاطفي به فأغدق عليها المشاعر ولاحظ الخواء العاطفي الذي تعانى منة بعد وفاة والدها وعدم وجود أصدقاء مقربين منها فأسبغ عليها بالعاطفة الجياشة والكلام الجميل الذي تهوى الفتيات أن تسمعه ممن تحب
تعلق قلبها كثيرا بة حتى أنها وافقت أن تخرج معه في سيارته الخاصة ووافقت على الظهور معه في الأماكن العامة لم تلحظ علية أي سلوك شائن أو أي تصرفات شاذة إلا انه حاول أن يقبلها في احد المرات فرفضت وغضبت منة غضبا شديدا فأعتذر لها ووعدها ألا يكرر فعلته تلك وبرر تصرفه بعشقه لها وكانت تلك أول مرة يعترف لها بمشاعره دون مماطلة
مرت الأشهر والعلاقة بينهما على أحسن ما يكون إلا أن والدتها التي كانت تسعى إلى العودة للعاصمة بأي شكل كي تكون قريبة من أسرتها وخصوصا بعد ن أنهت ابنتها دراستها الجامعية أبلغتها ذات يوم أن رب العمل قرر نقلها إلى العاصمة فورا وطلبت منها أن تعد عدتها وتجهز حاجياتها لنقلها إلى شقة العاصمة
اسقط من يد الفتاة فماذا ستفعل وماذا ستقول له وكيف نحيا بدونه اتصلت به وطلبت أن تقابله على وجه السرعة فجاء إليها وصارحته بأمر الانتقال للعاصمة وكيف أنها لا تستطيع أن نحيا بدونه إلا أنها فوجئت برد فعلة فقد خفف من وطأة الحدث ببرود شديد وبرر لها ذلك بأن يجب ألا تجعل من هذا الأمر مشكلة فما أسهل أن يأتي إليها أسبوعيا أو تأتى هي إلية بحجة زيارة أصدقائها ولم يكن أمامها إزاء ما قاله و الأمر الواقع إلا أن تنصاع لرغبة والدتها
بعد مرور شهور على عودتها إلى العاصمة كانت تقابله خلالها مرتان أسبوعيا وفى اغلب الأحيان كانت تسافر هي إلية لملاقاته وكان يعتذر كثيرا عن مقابلتها في القاهرة متعللا بظروف عملة القاسية وساعات العمل الطويلة
بعد مرور وقت طويل على بدء علاقتها بة وجدت أن الوقت قد حان لوضع النقاط فوق الأحرف خصوصا إنها كانت تشعر بتأنيب الضمير لأنها لم تتعود على إخفاء أي شيء عن حياتها على والدتها
. طلبت منة في أحد اللقاءات أن يضعا العلاقة في إطار رسمي فوعدها أن يفاتح أهلة ويأتي لخطبتها رسميا من والدتها في اقرب وقت
في لقاءاتهم التالية كان يماطل ويسوف ويسوق العلل الواحدة تلو الأخرى ليبرر عدم تحديد موعد الزيارة وحين بلغ الغضب والقلق منها مبلغا جعلها تهدده بقطع العلاقة وعدم مقابلته ثانياً أتصل بها في اليوم التالي قاطعا وعدا على نفسه بتحديد موعد في المقابلة القادمة
وبالفعل حدد موعدا يوم الجمعة منتصف الشهر التالي للمقابلة وبالرغم من عدم اقتناعها بطول المدة التي تسبق المقابلة أو الأسباب التي ساقها لتبرير التأخير، من كونه سينتهي من احد المشروعات قبل الموعد، إلا أنها وافقت على مضض على الموعد لكنها وبالرغم من توسلاته العديدة رفضت مقابلته إلا بعد أن يخطبها رسميا وطلب منها ألا تخبر والدتها إلا قبل أسبوع من موعد المقابلة وأعطاها هدية عبارة عن سلسلة معلق بها قطعة فضية محفور عليها أسميهما
ظلت على اتصال به حتى قبل الموعد بيومين حين أتصل بها من المنزل وأخبرها أن هاتفة الخليوى تلف ولن تستطيع الاتصال بة حتى يقوم بتصليحه وكانت قد أخبرت والدتها بالزيارة ووافقت الوالدة بكل ترحاب وأخذت تعد العدة ليوم الزيارة المرتقب
حاولت الاتصال بة في المنزل صباح يوم الزيارة المرتقبة إلا أنها لم تتوصل إلية وحين جاء موعد الزيارة ارتدت أحلى زينتها حتى تزداد جمالا وأنوثة في عين خطيبها المنتظر ,ووضعت والدتها اللمسات النهائية على المنزل وانتظرت الأسرة مجيء العريس المنتظر إلا أنة لم يأتي
حاولت الاتصال بة إلا أن هاتفة كان مغلقا
أستبد بها القلق لربما الم بة مكروه ما في طريق السفر إلا أن انتظارها طال قرابة الأربع ساعات حتى غضبت والدتها من عدم اتصاله للاعتزاز وطلبت منها أن تأوي إلى الفراش فهي لم تكن على استعداد أن تستقبل الفتى بعد منتصف الليل
حاولت طوال الليل أن تتصل بمنزلة فلم يكن يجيب وساورتها مشاعر عدة بين حزن وغضب من ناحية وخجل من والدتها وخوف علية من ناحية أخرى لم يغمض لها جفن ليلتها وانتظرت حتى أشرقت الشمس فاتصلت بأحد أصدقائه كانت قد تعرفت علية في احد المرات وسألته عن عريسها فلم يجيبها بما يشفى صدرها ووجدته يتلعثم ويتردد قبل أن يرد عليها وقال لها في النهاية انه يمكن أن يكون سافر في مهمة طارئة ولم يتسنى له إخبارها لم تستطع الفتاة أن تبتلع ذلك المبرر وقررت أن تسافر لكي تسال عنة في مقر عملة
وبالفعل استقلت القطار متوجهة إلى هناك ومر الوقت رهيبا ما بين تأملها لقضبان القطار ومراقبتها لشاشة التليفون المحمول عله يتصل بها
وصلت إلى الشركة فسئلت عن مكتبة وصعدت إلى هناك فلم تجده بغرفته فخرجت لتسال أحد زميلاته عن مكانة فأجابته
ا - المهندس في أجازة من يوم الأربعاء
- أجازة – ليه هو تعبان؟
- لا بعد الشر – عقبالك – شهر عسل بقى أصل فرحة كان يوم الخميس
أسقط في يد الفتاة وخرجت من الشركة مسرعة لا تلوى عن شيء ولا تدرى لم فعل بها هذا لم باع حبها وقلبها بثمن بخس لم لم يخبرها ولم تلحظ أنة مرتبط بغيرها لم لم ترى خاتم الخطبة في يده قط
توجهت إلى البحر ملاذها الآمن وأخذت تبكى كطفل وليد حتى اختلطت دموعها بمياه البحر
لم تكن تريد أي شيء سوى أن تعرف لماذا فعل بها هذا ؟ هل أذنبت حين أحبته ؟ لماذا لم يخبرها
أمسكت بحجر ملقى على الأرض ثم خلعت هديته من رقبتها وربطتها بالحجر ثم طوحت بها بطول ذراعها فأبتلعها البحر في جوفه وأبتلع معها أمالها وأحلامها
مسحت الدموع من عينها ولملمت شتلت نفسها وتركت أمواج البحر تغسل روحها وتغرق روح البائع
....... بائع القلوب
*************************** النهاية
***************************

5 Comments:

  • At 5:51 PM, Blogger فراسة said…

    لاأكاد أصدق أن هذه يمكن أن تكون قصة واقعية تحدث في الألفية الثالثة بنهاية عام 2006 فالحب العذري أصبح في أيامنا هذه في طي النسيان لا يستطيع أي كاتب في هذه الأونة أن يكتب قصة حب بدون التطرق الى موضوع الجواز العرفي و مشاكله و أسبابه كما يحدث الأن على شاشتنا العربية في كل مسلسل بدون أن يكون له علاقة بالسياق الدرامي للعمل ككل و لكن كاتبنا العزيز (استطاع)و استطاع أيضاً أن يسرد بكل دقة المشاعر الأساسية لأول حب الذي لا يمكن أن ينسى فهنيئاً لك صنعا يا أستاذي القدير

     
  • At 8:56 AM, Anonymous Anonymous said…

    نهاية مفتوحة تثير تساؤلات كثيرة.... لم وكيف؟؟؟
    تارة نساؤل القدر وتارة نتهم البشر... ولكن هي النفس من قادتنا لهذا الأجل...
    قصة جميلة أخ أسامة مليئة بأركان رومانسية تجعل الخيال يحوم ويطوف في طرقاتها... رومانسية تلطف جدول يومنا المزحوم بمشاغل كسب العيش... نفتقدها ولكن تبقى في آخر جدول اعمالنا اليومية ... الى الامام وبانتظار جديدك المتميز...

    واريد التنويه للأخت الكريمة أن ما تنقله القصص أو المسلسلات من روايات تكاد-بنظرك- تتمحور حول موضوع واحد انما هو لهدف التنوير والتنويه ... ورغم كثرتها مازال مجتمعنا يعاني من تلك المشاكل المستمرة...

     
  • At 2:22 PM, Blogger شيمـــــاء said…

    احداث القصة جميلة و متوقعه
    ولكن الجميل التناول
    تناول اسامة فى المشاعر و الكلام والتفاصيل الصغيرة

    بجد احييك على التفاصيل الصغيرة الجميلة
    وصفك للبحر فى اول القصة و اخرها اكثر من رائع
    تحياتى

    ووحشتينى يا مولى

     
  • At 12:21 PM, Blogger Ahmed yossif said…

    لا تعليق

    ولكنه فعلا باع الهوى والحب

     
  • At 10:04 PM, Blogger الحصان الأسود said…

    رائعه

    تحياتي

     

Post a Comment

<< Home